الثلاثاء، 2 يونيو 2015

حمار قريتنا


ظهر في قريتنا حمار مبارك..هذا ما يشاع عنه..لا يدري أحد من أين أتى، ولكن نوفل الحلاق يقول وهو يتصفح جريدة صدرت من أسبوع مضى : رأيته يعبر الجسر الخشبي متجها لقريتنا، وكانت الليلة هي آخر الشهر، يسير قليلا ثم يتوقف يأكل من أكلاء الطريق ، ثم يكمل المسير حتى توقف بجوار نخلة عواد أبو هارون..
أهل القرية يحبون هذا الحمار، ويستبشرون به، فقد كان سببا فى الخلاص من برعي شيخ المنصر..لا نمل من سماع تلك القصة من رزق الحافي، والحافى هذا لقبه، فمهنته هي طلوع النخل، ولابد لطالع النخل أن يكون حافي القدمين عند تسلقه للنخلة، ولكن رزق هذا حافى على الدوام، يقول فى نهاية مرويته : ورفسه رفسة فقضى عليه ، ثم يضحك كثيرا، له بحة تصاحب قهقهته تجبر من يسمعها على الضحك معه ، والقصة يرويها كما شاهدها ..وهى أن برعي كان يمر بجوار الترعة حاملا بندقيته أم روحين، وحينما مر من خلف الحمار رفسه بكلتا قدميه فألقاه فى الترعة، وكان لا يعرف السباحة، فأخذ يستغيث، ولكن لم يستجب لاستغاثته أحد من المارة رغم قدرتهم على نجدته، ولكنه كان مكروها من الجميع، فكم من مرة حرق زرع هذا، وسرق بهائم ذاك، ولم يتجاسر فرد على الوقوف فى وجهه، ولكن فعلها الحمار، منذ تلك اللحظة أصبح للحمار شأن كبير فى قريتنا، ورفع من مكانته ما قالته روحية زوجة سلامة الخياط .. التى مضى على زواجها عشرة أعوام دون أن تُرزق بولد، وجاء حملها بعد أنا مست الحمار دون قصد وهى فى طريقها للسوق ..سلامة الخياط كان به عِرق خَبل، فصنع للحمار ثوبا أصفرا من الكتان غطى جميع جسده ، فكان الحمار كأحصنة ملوك الروم، ولا ندرى مَن من الأطفال ثبت قطعا معدنية على هذا الثوب، فصارت تلمع كلما انعكس عليها الضوء، فكان مشهدا مثيرا للضحك، الحمار كان يمشي فى طرقات القرية كبقرة هندوسية مقدسة ،حتى أنهم يفسحون له الطريق بتقدير، الشئ الغريب أننا لم نسمع لهذا الحمار نهيق منذ ظهوره المبارك، غير أننا ذات صباح صحونا على صوت نهيق متصل، وحين توجهنا للصوت، وجدنا حمار القرية ينهق مادا عنقه وأرتالا من الحمير كالموج ينهقون وهم يقتحمون الزروع ويلتهمون حصادها بشراهة الوحوش.


ليست هناك تعليقات: