الخميس، 30 أبريل 2015

تلك التي تقطن الطابق الخامس


منذ أن دخلتُ لبيت هذه المرأة ولم تكف عن الثرثرة، تقول : احتفلنا بعيد زواجنا منذ أيام، زوجي لم ينس تلك المناسبة منذ عشرين سنة، هو عصبي لكنه طيب القلب ..ينفعل سريعا ويهدأ سريعا..
أرسلني رئيسي في العمل لأصلح لها غسالتها الأوتوماتيكية، فهذا عملي..فني تركيب وإصلاح وصيانة الغسالات في أحد مراكز الصيانة..أدخل منازل عديدة بحكم مهنتي، ولم أصادف مثل تلك السيدة الثرثارة، فلولا ثرثرتها كنت أنهيت عملي منذ ساعة على الأكثر، لكنها كثيرة الكلام إلي حد الضجر، في الساعتين اللتين قضيتهما في بيتها عرفت اسم ابنها، وابنتها، وما يحبان من طعام..ابنها يدرس صيدلة، وابنتها تدرس إعلام ، وزوجها مهندس زراعي..تقول أن صوت ابنتها مدهش في الغناء ،وابنها يعشق أكل ورق العنب من يدها، وزوجها بدين وباءت محاولاتها لإقناعه بالحِمَّية بالفشل..تنظر لساعتها وهى تقول الساعة الآن تقترب من الثانية عشر وزوجها يعود من العمل في الثالثة، وابنها سيذهب ليشاهد مباراة لكرة القدم ولن يعود إلا ليلا، واتصلتْ بزوجها كي يمر على ابنتهما ليصطحبها في طريقه فالمواصلات العامة مرهقة..ما ذنبي أنا أسمع كل هذا، والأدهى أنها تقول: من فضلك شَهِّل فوجودك يشغلني عن طهي الطعام ..اوووف.. الحمد لله أصلحت غسالتها..جربتها لها، عملت بشكل جيد، منتهى سعادتي أن افلح في إصلاح غسالة، صوتها يطربني حين تعمل..تقول لي كم تريد؟
-
مئتا جنيه
دست المبلغ في يدي، وهى تقول لي : هل لديك أولاد؟
-
نعم لدي حسن وسارة وانتظر مولود فى الطريق
دخلت سريعا لإحدى الغرف، وعادت بعروسة وعربة شرطة وقالت: خذ هاتين اللعبتين هدية لحسن وسارة كانا لطفليّ وهما صغيرين
كانت تتكلم وعيناها تفيضان حنانا وحبا، نزلت الدّرج وفى يدي اللعبتين ..أمام العمارة وجدت سيارة الشركة والعم سعيد السائق يقول: لِمَ تأخرت هكذا؟! هيا فلدينا (اوردر) عاجل، هممتُ بفتح باب السيارة وكان المال الذي أنقدتني إياه ما زال في يدي، ففتحت قبضتي لأجد ثلاثمائة جنيه لا مائتين..قلت لعم سعيد دقيقة واحدة فالسيدة التي أصلحت لها الغسالة أعطتني مائة جنيه زائدة سهوا فيما يبدو، فقال لي ليس لدينا وقت..اعطها للحارس وهو سوف يعيدها..ها هو أمامك على أريكته..ذهبت إليه وقلت له : من فضلك اعط المائة جنيه للسيدة التي تقطن الطابق الخامس.
-
هل تقصد المرأة التي تعيش وحدها في الطابق الخامس؟

ليست هناك تعليقات: