السبت، 7 يوليو 2012

ما بين ديماجوجية الإخوان وإمبريالية الوطني المنحل


تماما كالحوذي المخمور الذي يتسرع في تحميل عربته تاركًا خلفه أشياء كثيرة لم يستطع رؤيتها في غمرة سكره وحين يفيق – وقد قطع نصف المسافة ـ يكتشف انه لم يحمل على عربته كل الأشياء فيقع في حيرة من أمره ..هل يعود ليستكمل حمولته ؟ أم يُكمل الطريق لآخره مفرغًا حمولته ثم يعود ليستأنف حمل متروكاته ؟وإذا أكمل طريقه هل يضمن أن الأشياء التي تركها في عُرض الشارع لن تُسرق ؟ وهل يستطيع العودة بحصان منهك ...هكذا إخوان ما بعد الثورة ..ساروا بمصر في الطريق الخطأ بالحمولة المنقوصة ....لقد خرجت مصر من سيطرة نظام امبريالي إلى هيمنة جماعة ديماجوجية التوجيه ...القرارات الخاطئة التي اتخذتها جماعة الإخوان تحت تأثير نشوة الانتصار مستندة إلى شعبية زائفة ناتجة عن كبت من نظام استبدادي ....ولكن هذا الالتفاف كان خداعًا لأن نوعية البشر المستقطبين من هذا الخطاب ما ينفكوا إلا وينفرطوا عند أول إخفاقة لأنهم يتعاملون مع القشرة الخارجية للأشياء دون النظر للتفاصيل المرهقة للأذهان ...إذن من الهين تجميعهم ومن الأيسر أن ينفضوا من حولهم....على النقيض في النظام السابق الذي التف الناس حوله عن طريق دمج مصالحهم الخاصة ببقائه واستقراره فأستمر حقبة طويلة من الزمن لأنه كان يقدم الرشوة المستدامة لتابعيه....إذن عناصر البقاء للنظامين مختلفة اختلافًا جذريًا ...ومع تدنى شعبية التيار الإسلامي في الشارع المصري تجده مع الوقت سوف يحاول أن يطور من مناعته ضد السقوط ويقاوم فيتلون ويتماتن ويقدم التنازلات تباعًا من اجل البقاء مخرجًا من جعبته سلاحًا فتاكًا لم يكن في حيازة سابقيه وهو إقحام الدين في شتى القضايا لأنه السلاح البتار الذي إذا وقف أمامه أي معارض طُعن في دينه ...ووجود أكثر من تيار يحمل الطابع الديني في الشارع السياسي يحمي وطيس المنافسة فيما بينهم فنجد كل اتجاه يتشدد بدعوة الالتزام للبخس من الاتجاه المجاور مما يشكل خطرًا على وسطية المجتمع المصري التي هي السياج الأمني المنيع لوحدة النسيج المجتمعي ....وبنظرة غير متعمقة للمرشحين الرئاسيين نجدهم يخاطبوا ود التيارات المتشددة من أجل حفنة أصوات وتجد نزيف التعهدات اليومية التي سوف يحاسبون عليها فيما بعد لأن المعارضة لا تنسي مما يهدد بثورة أخرى إن لم يشعر المواطن البسيط بتغير ملموس ومن ثم تجد المجتمع يتجه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كالشوكة الرنانة في درس الفيزياء ثم ما تلبث أن تعود للوسط الديمقراطي المستنير وهو القادر على النهوض بمصر من كبوتها بعيدا عن ديماجوجية الإخوان وامبريالية الحزب الوطني المنحل .

ليست هناك تعليقات: