السبت، 7 يوليو 2012

ظلال حنين

لا تنظري خلفك كي لا تضعفي.. إني آمرك بحق القلم المتبختر على هذى الورقة ، فأنا اصطنعتك من مخيلتي ...كم أنا نادم على أنني جعلتكِ رقيقة حانية، لو أنني وضعت في سويداء قلبك بعض القسوة ما كنت وجدت صعوبة في الأمر.. لِمَ الآن تترددين ؟ وتطلين من بين السطور قائلة لي - أنت سيرتني وفق إرادتك، وكنت عرضة لخيالك..دعني أحدد نهاية قصتي مثلما أريد..
- عزيزتي منى في استطاعتي أن أخط سطرا أجعلك تنصاعين لما أكتب،ولو أحزنك هذا، ورحمة بك أجعلك تدمعين بعض الدمعات فالدمع يريح القلب المفعم بالأحزان، ولن تستطيعي عدم الاستجابة لما يمليه عليك القلم، فأنتِ رهينة النص المكتوب، ولكني سوف أعيّن حكما بيننا، وأقص عليه ما كان من أمركِ، وكيف تمّت قصتك على نحو أغضبك منى إلى هذا الحد، وينظر هو إن كنت عادلا أو لم أكن.. فلنتجول داخل مساحة الفعل القصصي.. لكن من أين نبدأ ؟حسنا نبدأ من ذاك اليوم الذي أشرقت فيه الشمس تداعب ستائر نافذتك الزرقاء .عندما استيقظتِ جالسة فوق فراشك الوثير، ونهضت تتثاءبين وتشدين من قوامك الممشوق طاردة النوم من بين أحضانك، وشرعتِ بيديكِ تباعدين ما بين ستائر نافذتك كأنكِ تفتحين كتابا تسكن فيه الشمس ..تتجول أشعتها داخل غرفتك ..إن لكِ وجها لينافس الشمس إشراقا ..يا لهذا الحاجب المتقوس كالهلال! وتنظرين إلى المنبه إنه على وشك أن يرن.. تتابعين عقاربه وعلى عينيكِ شغف الطفولة رغم  أنكِ تجاوزتِ العشرين بخمس سنوات ..ها هو يُدوّى بصوت متصل، وتمتد يدكِ الغضة البيضاء فوق الضاغط تسكتين صوته ..لو كان له قلب لكان يرن مائة مرة ليحظى بلمسة من كفكِ الدافئ الحنون ..لكن القلوب جُعلت للبشر حتى تحترق شوقا وترفرف فرحا وترتجف خوفا.. أحببتِ؟ نعم أحببتِ... كان زميلك أيام الدراسة في كلية الحقوق ..شُغفتِ به حبا ..ملأ عليك الحياة.. كنتم على وعد بالارتباط فور تخرجكما.. تحلمين به بالليل وتفكرين فيه بالنهار ..يا له من سعيد بحبك! بل يا له من أحمق !! كيف انصرف عنك إلى من هي أقل منك جمالا وعذوبة ؟ كيف ؟إن أباها رجل أعمال ثرى، وكان لخالد طموح كفرس سقط لجامه، وصارحك في ذاك اليوم المشئوم أنه يريد أن يرسم حياته كما يحلم ،وأنها هي التي سوف تساعده على تحقيق أحلامه ..ما أبشع تلك اللحظات ..الفراق ..الغدر ..كان ذلك فى السنة النهائية ..ها أنتِ تخرجت ،وحظيت بعمل فى مكتب محام ترتج له جنبات قاعات المحاكم ..أما خالد فقد رسب فى السنة النهائية ..حزنتِ لذلك أشد حزن.. يا لقلبكِ الملائكي ..إذن ما زلتِ تحبينه.. تحاولين نسيانه ولا تستطيعين حتى قلبك ينطق باسمهِ ..خالد فى كل وقت ...خالد اسم تهتز له جوانحك.... فلتجعليه ذكرى....... على أى حال ها أنت الآن فى طريقكِ إلى المكتب وتناوشك الأفكار عن حب لم يكتمل.. تعلمين أن العديد من زملائك يتمنون كلمة قبول من شفتيكِ، ولكنك تصرين على أن قلبك مغلق، ولا تفكرين فى الارتباط ..محبوبة من الجميع الكل يقابلك بابتسامة ..فما أجمل هذا الوجه يرونه كل صباح.. حتى عم حسين الساعي مهما كان مكتئبا تنفرج أساريره عندما يراك
 
ــ صباح الخير يا أستاذة منى
 
ـ صباح الخير يا عم حسين
تجلسين على مكتبك كيفما اتفق كل يوم ،وتبدأ الحركة تدب فى المكتب الكبير ..تسمعين صوت الأستاذ حلمي وهو فى طريقه سائرا فى الممر المؤدى إلى حجرة مكتبه يتلقى تحية الصباح من موظفيه
 
- صباح الخير يا منى 
 
صباح الخير يا أستاذ حلمي -
يدخل مكتبه وتتأهبين لعرض مذكرات بعض القضايا تدخلين وراءه وتضعين الملفات أمامه يرتدى نظارته يقلب الأوراق يوقع بعضها ويدون ملاحظاته على الأخرى وهو يقول. - اليوم سوف يأتي لكم زميل جديد - مرحبا به يا أستاذ حلمي....يتمتم.... كم اكره تلك التوصيات ... يمر اليوم ساعاته ثقال ..ها هي الساعة قاربت على العاشرة عندما دخل عم حسين ومن هذا الذي خلفه؟!إنه وجه تألفينه جيدا إنه خالد حبيب القلب ..أتذكر تلك اللحظة جيدا وعلامات الدهشة تعلو وجهكِ وأعلم ما كان يدور بخلدكِ لقد كنت ناقمة علىّ لائمة ...تدور الهواجس فى ذهنكِ وتسألين 
-
لماذا أعدته أمامي ثانية ؟ أتصر على أن تعذبني ؟ يا لك من كاتب قاسى القلب
_
عزيزتي لا تنكري أنك اهتززتِ من هذا اللقاء ..رأيت بريق الفرحة فى عينيك فلماذا اللوم علىّ ؟ 
_
إذن فلننتهي من هذا الموقف، وقل لي فيما أتى هذا الخائن الأناني ؟ 
_
قبل أن أخبرك ...انظري كيف ينظر إليكِ فى اشتياق ..انظري حتى عم حسين قد لاحظ الوجوم الذي علا وجهكِ ..انظري إلى عينيه
-
نعم إن هذه النظرة طالما احتوتني كم اشتقت إليها ،ولكن سيدي الكاتب إنى ألحظ أنه لا يلبس دبلة فى يده اليمنى ولا حتى اليسرى.. 
_
يا لعين المرأة داخلك ! .... وفيما اهتمامك بهذا الأمر الم تزعمي أنك نسيتيه ...اسأليه إن استطعتِ ها هو أمامك
-
نعم..!ماذا تقول ؟أساله بعد كل ما صار منه أبخس من نفسي يا لك من كاتب تذل بطلاتك....
_
مدى يدك إليه الآن ولنكمل حديثنا فيما بعد ألا ترينه يمد يده يود مصافحتك ..- ا كيف حالك يا منى؟
_
أهلا أستاذ خالد 
ها أنت تضعين حدا للموقف كلٌ قد اختلف عن ذى قبل ..كم ثقيلة تلك الكلمة "يا أستاذ خالد"..... هو لم يقل يا أستاذة منى..... لا تتعجلي الأمور ولتكسري من حدة الموقف ولو بجملة مفيدة ....
-
اذهب أنت يا عم حسين....
يذهب عم حسين وتشيرين إلى خالد بالجلوس ..تذكرين كم كان وجهه ينم عن نشاط مستمر تتساءلين عما أتى به ها هو يوفر عليك مشقة السؤال ويقول لك....
\ ممكن أقابل الأستاذ حلمي....
-
نعم دقيقة واحدة حتى أخبره.... ادخلي إلى مكتب الأستاذ وتنفسي الصعداء وتوجهي إلى الله بالشكر أن لم تحتبس كلماتك فى حلقك.... لم يخف على الأستاذ الاحمرار الذي كسي وجهك....تلحين بالسؤال عن سبب حضوره لو أجبتك أكون قد أخللت بتقاليد مهنتي كقاص فأنت غير متواجدة فى المشهد الذي يجمع بين خالد والأستاذ حلمي ،ولكن لأني لا أتحمل نظرات اللهفة فى عينيك سوف أخبرك ..هل تذكرين عندما أخبرك رئيسك أن زميلا جديدا سوف يأتي اليوم؟....
_
نعم أذكر....
_
إنه هو الزميل الجديد ..لا تندهشي اسمعي أيضا هل ترين المكتب الشاغر أمامك ؟..سوف يكون مكتبه..... لا تتكلمي حتى تسمعي ما قرره رئيسك من أن تتكفلي بمتابعته ومراجعته فيما يكلف به من أعمال....
-
ما هذا الوحي الأحمق الذي يملى عليك ما تكتب ..يا لك من كاتب تتلاعب بشخصياتك.....
_
انظري الآن ها هو رئيسك يخرج من مكتبه برفقته خالد متجها إليك ويقول لك وهو يشير بيده إلى خالد: ها هو زميلك أل...........تقاطعينه وقد علا وجهك الغضب ....- لقد اخبرني شريف الجهنى بكل شئ ....يزدرد لعابه ويقلب يديه متعجبا ويرجع إلى مكتبه وها أنت تشيرين إلى خالد ....- تفضل بالجلوس يا أستاذ خالد على هذا المكتب فإنه سوف يكون مكتبك.... يجلس على مكتبه وما زال شاخصا ببصره إليك وهو يقول..
_
هذه المرة الثانية التي تقولين فيها يا أستاذ خالد ألم نكن صديقين؟ بل.. ........تقاطعينه قائلة له بصوت ساخر....
-
نعم لقد كنت حقا نعم الصديق....
يقول لك بصوت ملأه الحب....
-
ولكنى أريد أن أتكلم معك....
تصدينه قائلة....
-
ليس بيننا كلام..ما بيننا هو العمل ..العمل فقط....
يمر اليوم سريعا وأنتما صامتان ..تقلبين ملفات لقضايا قد انتهت وصدر فيها الحكم نهائيا.. دون أن ترين حرفا واحدا منها ..وتختلسان النظر إلى بعضكما دون أن تلتقي عيونكما كأن بينكما اتفاق خفي ..بدأ الموظفون فى التسلل منصرفين ..يمر من أمامكما الأستاذ حلمي منصرفا تتناولين حقيبتك وتهمين بالانصراف دون أن تلتفتي إلى خالد....لاحظت أسرتك الوجوم على وجهك وأنك لم تتناولي غذائك ..ها أنت تفتحين كشكول محاضرات، وتخرجين منه وردة جافة تستنشقين لها عبيرا لأول مرة مع أنك كثيرا ما اخرجتيها وتنثرين على سريرك صورا قديمة تجمعكما مع بقية الزملاء أيام الدراسة ولا ترين إلا وجهه تعود إلى ذاكرتك مشاهد عدة عن أيام ولت يغالبك النوم ...وبحركة لا إرادية تتناولين المنبه وتقدمين موعد رنينه نصف ساعة.....
****
....
عزيزي القارئ منى الآن تسبح فى عالم الأحلام،وأجدها فرصة أن أقص عليك ما كان من أمر خالد وكيف صارت أموره بعد أن فارقها.. إنه فعلا تقدم لخطبة الفتاة نانى ابنة رجل الأعمال الثرى.. ووافق الأب تحت ضغط من إلحاح ابنته المدللة ..أدخلته عالم لم يعهده من قبل.. رأى أناس لم يكن ليرى مثلهم إلا فى الأفلام السينمائية ..فأحذ يسايرهم فى سهراتهم وكانت نانى تمارس حريتها على نطاق متسع تداعب هذا وتضاحك ذاك ..وان ناقشها فى الأمر قالت له ....- أنا حرة افعل ما أشاء كن رجلا مودرن........ حاول أن يكون هكذا ... ولكن الصبغة الوراثية الجنوبية استيقظت داخله، وقرر أن يهجر هذا العالم... ولكنه أفاق متأخرا كانت الامتحانات على الأبواب ولم يكن يحضر معظم المحاضرات لسهراته السابقة حتى الصباح، فلم يكن من حظه إلا الرسوب..مما أصابه بإحباط شديد ..لم يكن الرسوب وحده هو ما أصابه بهذا الاكتئاب، ولكن ما فعله مع منى كان يؤرق مضجعه ليل نهار.. حاول أن يبحث عنها..... ولكن لا اخف عنك سرا انه لم يجد فى البحث عنها، لأنه لو وجدها لا يدر ماذا يقول لها وبأي وجه يقابلها عندما كان يتذكرها تدمع عيناه أسفا ،ويعض أنامله ندما عليها ..فكم كانت رقيقة معه ..لم تغضبه فى يوم من الأيام ،وكانت نعم الصديقة والحبيبة، ولكن لم تستمر حالته علىهذا الوضع.. فبمساعدة بعض أصدقاءه وأقاربه خرج من عزلته واستأنف دراسته بجد مما ساعد على نجاحه فى السنة النهائية ،وتخرج واتجه للبحث عن عمل وتذكر انه قابل الأستاذ عبد الفتاح العمري ..وأنه وعده بوظيفة.. فذهب إليه فاستقبله بوجه بشوش وقام بالاتصال بصديقه الأستاذ حلمي يوصيه عليه ويطلب تعيينه ربما فعل ذلك لاعتقاده انه ما زال على علاقة مصاهرة بوالد نانى ....دار هذا فى رأس خالد وفكر أن يعود إليه ليخبره انه انفصل عنها ويرى هل يتغير موقفه ولكنه قال لنفسه لو صارحته بهذا الأمر ولم يرجع فى كلامه فسوف أضع نفسي فى موقف حرج لي وله وأنا فى أمس الحاجة للوظيفة واستيقظ صباح اليوم التالي وذهب إلى مكتب الأستاذ ....
***..........
عزيزي القارئ أردت أن أقص عليك الأمر حتى تتسع لك زاوية الرؤية لتكن دقيقا فى حكمك على الموقف الذي ستؤول إليه قصتنا فأنا فى حيرة من أمري ..فلقد كتبت العديد من القصص ،وقمت بتحريك الكثير من الشخوص، ولكن هذه أول مرة تعترض بطلة قصة من قصصي على تحديدي لنهاية العمل ......اقسم لك أنني ما أقول هذا محاولا التأثير على حكمك ولكن حتى تحيط بالموقف من شتى جوانبه ..فلنعد سويا إلى مساحة الفعل القصصي....ها هو المنبه يرن فيفر صناع الأحلام كفرار الشيطان من تعوذ تقي. وتستيقظ منى وتمارس طقوس الخروج اليومية ...فى طريقها إلى المكتب تلحظ بستانيا يهذب شجيراته ... هذه أول مرة تلحظ أن هناك بستانا فى طريقها ربما انتبهت لذلك من صوت اصطكاك المقص..... تستقر على مكتبها وتخرج ملفا تتصفحه وتختلف النظر إلى الباب بين الحين والحين تقترب خطوات ترتفع لها دقات قلبها كلما اقتربت ويظهر أمامها خالد يلقى عليها تحية الصباح وسيما الحزن على وجهه ترد تحيته وتتابعه ببصرها إلى أن يستقر على مكتبه وهو لا ينظر إليها يغالبها شعور بالشفقة عليه وتهم أن تسأله ما بك ؟...ولكنها تبتلع سؤالها وتعاود النظر إلى الملف أمامها ....ها هي تسمع صوته يقول.....
-
منى أريد أن أتكلم معك....
يا لها من نشوة جامحة تحتل جوانحك عند سماع اسمك يجرى على لسانه جل ما تخشينه أن تنفلت نظرات الحب من عينيك سابلة الأهداب ولكن جرح مضى يلوح أمامك ينكمش له قلبك وينزوي بين الضلوع فتقولين بتذمر.....
فيما تريد أن تتكلم؟.
-
لا ينفع الكلام هنا....
-
سبق أن قلت لك أن ما بيننا العمل ..العمل فقط....تقفين وتتناولين بعض الملفات من فوق الأرفف تضعينها أمامه قائلة له....
-
هذه بعض القضايا التي حُكم فيها لصالح موكلينا...قم بالإطلاع عليها حتى يتسنى لك معرفة الأسلوب الذي يتميز به الأستاذ حلمي حجازي ..فهو يعتبر من كبار المحامين ،وسوف تتعلم منه الكثير....يقول وقد لاحظ أنك تحاولين تغيير مجرى الحديث
-
ليس هناك داع ..فهذا آخر يوم لي فى هذا المكتب
..
علت الدهشة وجهك، ولكنك تتظاهرين بعدم الاهتمام....
-
لماذا إن الكثيرين يحلمون بفرصة مثل هذه....
-
بسببك أنت....فأنا أتعذب مذ فارقتك، ولا أتحمل أن أراك معرضة عنى..
رغبة الاستماع داخلك تغلب رغبة مقاطعته فتتركينه يكمل....
-
فأنا لم أكن اعلم أنني كنت أكن لك كل هذا الحب...كل ما أرجوه هو أن تسمعيني فقط....قاطعيه إن شئت فقد سمعت الكلمة التي تبحثين عنها....
-
أرجوك لا تسخر منى أيها الكاتب الشقي ،فأنا لن أرجع إليه مهما حدث،ولكنى أرى غير ذلك....
-
أنى انظر إليه من الناحية الإنسانية ،فلا أريده أن يخسر وظيفته بسببي ،حتى لا أشعر بتأنيب الضمير، ومن هذا المنطلق سوف اثنيه عن ذلك، وفى نفس الوقت أضع حدا لعلاقتنا....اسمع ماذا سأقول له....
-
حسنا يا خالد سوف أسمعك،ولكن لي شرط واحد....
ها هو تتهلل أساريره وهو يقول لك....
-
كما تشائين ما شرطك....
-
مهما كان قراري بعد سماعك، فلا يؤثر ذلك على عملك بالمكتب....
-
وأنا موافق يا حبيبة القلب....تنظرين إليه وتشيرين بسبابتك كأم تعاتب طفلها ....
-
ها أنت تعود إلى سابق حديثك....
-
أنا أسف ...هيا بنا ألان نذهب إلى مكان نتحدث فيه....
-
ليس الآن بعد ميعاد العمل
اليوم يمر عليك ساعاته طويلة ....ويأتي موعد الانصراف ...فتذهبان على موعد للقاء فى مساء نفس اليوم اتفقتما على الموعد ولكن لم تتفقا على المكان..كأن بينكما اتفاق مسبق على مكان كان يجمعكما فيما مضى ..كانت باخرة على ضفاف النيل تتحرك لتبدأ جولتها النيلية الساعة السابعة وتعود إلى مركزها فى العاشرة تماما....
***....
قارئي المبجل ..التقى الآن خالد ومنى، وجلسا فى مكانهما المفضل ومن الغريب أن النادل قد ابتسم لهما ابتسامة تدل على أنه تذكرهما رغم مرور أكثر من عامين على آخر لقاء...فلنترك خالد يحكى لمنى ما أنت أعلم به منها وأود أن القي عليك بعض الأسئلة التي كانت تدور فى ذهني حين قاربت القصة من الانتهاء....ماذا تتوقع أن يكون رد فعلها؟....وهل يمكن الوثوق به مرة أخرى ؟....إن هذه الأسئلة كانت تدور فى ذهني وأنا أضع النهاية لهذا العمل فشخصية منى تجعلني فى حيرة من أمري ....عفوا أنا مضطر أن اقطع حديثي معك الآن لأني ألمح الباخرة التي تقل منى وخالد فى طريقها أن ترسو قرب الشاطئ ..وها أنا أسمع خالد يقول
-
هذا كل ما حدث يا من أتمناها كل لحظة، والآن أعرض عليك أن أتقدم لخطبتك وكل ما أتمناه أن تسامحيني....انظر ماذا تفعل منى أنها تنهض من مقعدها دون أن تنبس بكلمة واحدة ،وتسير بخطوات هادئة منتظمة فى طريقها إلى خارج الباخرة، ولكنها تتوقف فجأة ....
عزيزي ...أعلم أنك سوف تتعجب من هذا الموقف، وسبب توقفها، ولكنى سوف أوضح لك الأمر ..وأنا أكتب القصة كنت قد انتويت وعقدت العزم قبل أن اضغط على مؤخرة القلم ليبرز السن لأبدأ معالجتي للعمل أن أجعل بطلتنا تعود إلى حبيبها تعدو إليه ويعدو إليها ويحتضنها ويدور بها حول نفسه ..حتى أننى كنت سوف أجعل رواد الباخرة يصفقون تأثرا ..ولكنني عندما بدأت ارسم صفاتها وملامحها شعرت أنه لا يستحقها فتوقفت عن كتابة هذه النهاية.. فكان توقفها أيضا...!!..وقررت أن اتركها تكمل مسيرها متباعدة عن حبيبها ..ولكنني فوجئت بها تتوقف وتريد أن تعود إلى حبيبها .وهذه أول مرة تتمرد شخصية من شخصياتي نصوصي هكذا....لذا قررت أن أدعك تكمل النهاية التي تأملها
. ....
الغردقة مايو 1995م........- ....


ليست هناك تعليقات: