الثلاثاء، 22 مايو 2012

تخاريف فى الخريف



كانت توجد على حافة النهر شجرة ، أتى عليها الخريف فاصفرت أوراقها وأخذت تجف وتذبل ،وتتساقط ورقة تلو أخرى ،ما عدا ورقة واحدة أخذت تنظر إلى الأوراق المتساقطة نظرة سخرية واستهزاء، وأبت أن تسقط وظنت أنها أقوى من مثيلاتها من الأوراق ،اعتقدت أنها تستطيع أن تكمل حياتها على شجرة عمرها. ربما يتجاهلها الخريف ، أو يأتي عليها الربيع فيجعلها استثناء من الََروىَّ المنتظم لسيمفونية الطبيعة قالت
-
لماذا تسقط الأوراق وتبقى الأفرع ؟!
أعلنت في تحدٍ واضح أنها لن تصبح أُلعوبة في وجه الريح يعبث بها كيفما شاء ، أتاها الريح تقلصت في وجهه متماسكة عاتبها نهرته متشبثة بالفرع ،ذهب الريح وتوعدها أن يأتي عندما تصير أكثر وهنا؛ فرحت أن الريح ذهب إنها تشعر بالسعادة ويسيطر عليها شعور بالتفرد والتميز..... مع الأيام كانت تزداد اصفراراً وانكماشاً ،نظرت إلى صفحة الماء رأت نفسها على مرآته شاحبة باهتة متقوسة الأطراف .
تلك أول مرة تبصر نفسها على صفحة الماء منذ أن كانت برعما ً فإن الأوراق التي أسفل منها كانت تصنع حاجزاً بينها وبين الماء، نظرت إلى أعلى لعلها تكون ورقة أخرى ،تأكدت تماما من خلو الشجرة من غيرها تقصت النظر في الماء ثم ما لبثت أن نظرت أمامها قائلة لنفسها
-
يبدو أن النهر عَكِر
الشجرة ما زالت عارية تنتظر الربيع لتزف إليه والورقة ما زالت تأبى الاستسلام
أتى الربيع فلثم الشجرة وقبلها قبلة أعادت إليها وجه الحياة
سمعت الورقة هسيساً ينبع من جوف الشجرة يصاحبه انبثاق براعم من الفروع خضراء ناضرة زاهية
كانت البراعم تنبثق بشكل متتابع؛ فارتجفت الورقة خوفاً واكتست الشجرة بحُلة زاهية خضراء، شعرت الورقة أن البراعم تنظر إليها في استنكار وتعجب تقوقعت خجلاً من فِعل النظرات والهمسات.
أحست أن هناك شيئا يناطح منبتها ، وأن عودها على وشك أن يُخلع من قلب الفرع
.............
تذكر الريح وعيده بالمجئ بعد أن ذهب لكهفه ليستريح بعد انتهاء عمل شاق ، فتثاءب كسلاً ، فأطلق نسمة أتت تداعب الشجرة على استحياء، اهتزت لها الأغصان انتشت لها البراعم ،زاد وهن الورقة من اهتزاز الأغصان وزاد الدفع من القوة المجهولة، قاومت لكنها كانت أضعف والدفع كان أقوى، فناءت تتأرجح في الهواء وأخذت تنظر إلى مكانها ،فإذ ببرعم صغير ينبثق من منبتها السابق، نظرت للبرعم
بعد أن استقرت على سطح الماء، كان يشبهها كثيرا فابتسمت ثم تلاشت في جوف الماء .

هناك تعليقان (2):

Nada Ashraf يقول...

جميلةٌ هي القصة ..
اصطحبتني لعالمٍ آخر .. داعَبَت خيالي .
بانتظار جديد ابداعاتك (=

غير معرف يقول...

ما شاء الله .. رائعه فعلا
اسلوب مميز :)) ننتظر الجديد .