السبت، 1 فبراير 2014

لماذا كلبي ينبح ؟!


كلبي صار دائم النباح بلا سبب ، سأتخلص منه - هذا الكلب المزعج - فجارنا ذو الكرش الضخم أتاني غاضبا ثلاث مرات فى يوم واحد يشكو من عدم تمكنه من النوم بسبب نباح كلبي المتواصل ... صراخ زوجته "المسرسعة" الناحلة وكأنها خرجت لتوها من داء سل يقتحمني منذ سنين، ولم أشكو إليه فى يوم من الأيام ، وهو لم يحتمل نباح كلبي لعدة أيام ..تبا له ولزوجه 
ولكن لماذا ينبح كلبي بلا سبب؟!
صحوت متأخرا والصداع يكاد يفجر رأسي،فارتديت ملابسي على عجل ،ولم انتبه أنني اِحتذيتُ حذاء فردة سوداء وأخرى بنية ... فى العمل قابلني زميلي البخيل، ونظر إلى حذائي ،وظل يقهقه ويسعل وهو يقول :عرفنا أن لديك حذاءين.. التقطتُ علبة سجائره من جيب قميصه، وسحبت منها سيجارة وأشعلتها فانكتمت ضحكاته وهو يقول لي : أنت لا تدخن !! .. سحبت نفسا عميقا وزفرته فى الهواء ،وانصرفت من أمامه وأنا أضحك وهو يحملق في بضيق ..ما زال الصداع يحاصرني فلم اهنأ بالنوم بسبب نباح كلبي.
ولكن لماذا كلبي ينبح بلا سبب ؟!
مديري فى العمل أخبرني أن وفدا من المستثمرين الألمان سيكونون فى مقر الشركة بعد ساعة من الآن،ويجب أن أقنعهم أن شركتنا وضعها جيد فى الأسواق ، حقيقة الشركة تنهار، وتذوب كجبل جليد أشرقت عليه الشمس فقلت له : ولكنى نسيت واحتذيت حذاء فردة وفردة ...هل من الممكن أن تكلف زميلي حازم بمقابلتهم فهو يجيد الألمانية مثلى بل أبرع ،فنظر إلى حذائي بازدراء وقال لي : بل قابلهم أنت، ولن يلحظوا حذاءك؛ فهم لا ينظرون إلى أسفل ...فانصرفتُ من أمامه وأنا ألعن أباه فى سري، وأفكر فى كيفية إقناعهم أن شركتنا - الغارقة فى الفساد- لها مستقبل باهر، ومن أسباب تدهور شركتنا هذا المدير الفاشل دائم الصراخ بلا سبب مقنع ،ذكرني بكلبي الذي صار ينبح أيضا بلا سبب مقنع.
ولكن لماذا ينبح كلبي بلا سبب ؟!
رن هاتفي وترائي لي رقم ،ولا أحب أن أرد على الغرباء ؛فهم لا يأتون بخير،فتركت الهاتف يرن ...شعرت أن وقت الرنين استمر أكثر من المعتاد، رن تارة أخرى ، هل من الممكن أن يكون جارى ثقيل الظل يكرر شكواه من نباح كلبي ؟ لست فى حالة مزاجية تسمح لي بسماع صوته الممجوج ، لن أرد ... امممم... بل سأرد ولو كان هو سأنفجر فى وجهه وأقول له أسْكِت زوجتك أُسكِت لك كلبي، فتحت الهاتف وقلت "الووو" ..فرد علي الطرف الآخر بصوت رخيم متحذلق قائلا :بل قل السلامُ عليكم "الو" كلمة أجنبية ...
يييييييه هو أنا ناقص نصايح
_
مين حضرتك؟
_
يعني مش عارف صوتي؟
أغلقت الهاتف فى وجهه ،فلا أريد أن أعرفه أو أعرف صوته، رن الهاتف ثانية فأغلقته نهائيا ،فصدري ليس به متسع لهذا الهراء ،نظرت إلى ساعة الحائط فقد بقى ربع ساعة على وصول الوفد الألماني، ولم أضع أي خطة أو أختلق كذبات لإغرائهم من أجل الاستثمار فى شركتنا الفاشلة، فلقد كان يلح على سؤال واحد
لماذا كلبي ينبح بلا سبب؟

هلَ الوفد الألماني، وكان مكونا من ثلاثة رجال وسيدة شقراء غاية فى البهاء والأناقة، احتفيت بهم وظللت أتلو عليهم الأكاذيب تلو الأكاذيب عن مستقبل شركتنا المبهر، وهم يختلسون النظر إلى حذائي كل برهة ويتهامسون ..مديري الغبي قال لي إنهم لا ينظرون إلى أسفل ...انتهت جولتهم واصطحبتهم حتى سيارتهم الفارهة التي كان يطل منها كلب يشبه كلبي تماما، ومن نفس سلالته حتى أنني خلته هو لولا الطوق الفخيم الذي يحيط رقبته ، وبمجرد فتح باب السيارة قفز منها متجها إلى الشقراء الفاتنة فمسحتْ عليه بيدين حانيتن حتى أنني تمنيت أن أكون هو ...اتجهت إليها وقلت لها: لدي كلب من نفس نوع كلبك، ولكنه منذ أيام ينبح طويلا وبلا سبب... مديري كان واقفا يحملق في بدهشة فتجاهلته ، فرنت لي بابتسامة وقالت لي :هذه كلبة وليست كلبا، ونباح الكلاب له أسباب عديدة ما رأيك أن تصطحبني فى جولة أشاهد بعض معالم مدينتكم وتريني كلبك فكم أعشق الكلاب خاصة تلك الفصيلة 
قلت مسبهلا : متى؟! 
_
الآن لو لم يكن عندك مانع؟
_
وليكن ، ولكن بسيارتي الصغيرة
ابتسمت ابتسامة أذهبت شقيقة رأسي وقالت 
_
وليكن بسيارتك
اتجهنا إلى سيارتي وما زال مديري محملقا في ،فقد نسيت أن أستأذنه وأخذتها فى جولة شاهدت كل معالم المدينة ، وأنا لم أر إلا معالمها ، والناس لما يشاهدوا إلا ساقيها وحذائي ... عدنا إلى منزلي بكلبتها ..فهدأ كلبي وامتنع عن النباح حتى الصباح ،ولكن صراخ زوجة جارنا كان يقتحم أذني كل حين.
الغردقة 1فبراير2014

ليست هناك تعليقات: